فواضح ، لرجوعهم جميعا إلى أئمة المذاهب الأربعة وهم متأخرون في حياتهم عن زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جميعا ، فكيف يمكن إثبات استمرار السيرة في الرجوع إليهم أمواتا إلى زمنه صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وأما على مبنى الشيعة فلأن أكثرهم لا يقولون بجواز تقليد الميت ابتداء ، فضلا عن ادعاء قيام سيرتهم على الرجوع إلى الأموات.
٥ ـ الاستدلال بالاستصحاب :
بتقريب ان هذه الحجية كانت ثابتة لقول المجتهد حال حياته ، ويشك في ارتفاعها بالموت فتستصحب.
والجواب على ذلك : ان هذه الحجية لا يمكن استصحابها للشك في سعة المجعول وضيقه. فالحجية المجعولة لا يعلم بحدود جعلها ابتداء ، وهل يتسع إلى ما بعد موت صاحبها أو هي مختصة بحال الحياة؟ فإن كانت مجعولة على النحو الأول فهي مقطوعة البقاء ، وإن كانت على النحو الثاني فهي مقطوعة الارتفاع ، وكلما دار الأمر بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع لا يمكن جريان الاستصحاب فيه لفقده ركنا من أركانه ، إذ لا يقين سابق بأحدهما على الخصوص ، ومع فرض وجوده فلا يوجد شك في أن المتيقن باق ـ إن كان واسعا ـ أو انه مرتفع ـ إن كان ضيقا ـ لفرض دورانه بين مقطوع البقاء أو الارتفاع.
فالركن المفقود اما اليقين أو الشك ، ومع فقد أحدهما لا يجري الاستصحاب. وفي رأي بعض أساتذتنا ان المورد يقتضي استصحاب عدم الحجية لاحتمال «ان تكون حجية فتوى المجتهد مختصة بمن عاصره ، وكان من وظيفته الرجوع إليه ، وأما المكلف الموجود بعد موته فلا علم بحجية فتواه في حقه من الأول ، فيجري استصحاب عدم جعل الحجية في حقه بلا معارض» (١).
__________________
(١) مصباح الأصول : ص ٤٦٠.