الاختلاف في الأدلة غير اللفظية :
والأمر فيها مختلف ، فان كان الدليلان في رتبتين كما هو الشأن في الاستصحاب وأصل البراءة قدم السابق رتبة واعتبر أقوى من لاحقة ـ إن صحّ هذا التعبير ـ وان كانا في رتبة واحدة وكان أحدهما أقوى من الآخر ـ كما هو الشأن في التماس علل الأحكام في القياس إذا كانت مستنبطة ـ قدم القياس ذو العلة الأقوى بناء على حجية أصل القياس ، وقد قصر تعريف الاستحسان في بعض الألسنة على تقديم قياس أقوى على قياس ، ولكن عده ـ لو صح التعريف ـ أصلا في مقابل القياس لا يتضح له وجه إذا تعيين أقوى القياسين لا يعدو عن تشخيص القياس الحجة منهما ، فما الموجب لعده في عرضه؟
ومع تساوي الأدلة غير اللفظية في الرتبة وتعارضها ، تتساقط حتما ويرجع إلى الأدلة اللاحقة لها في الرتبة ، وهكذا ...
الاختلاف بين الأدلة اللفظية وغيرها :
وفي هذا الحال ، لا بد من تقديم الدليل اللفظي وما هو برتبته على غيره من الأدلة لما سبق من بيان حكومته على غيرها من الأصول ، ما لم يكن بعض هذه الأصول مزيلا لموضوعها ، كما هو الشأن في الاستصحابات الموضوعية بالنسبة إلى بعض الأدلة اللفظية.
٢ ـ الاستحسان والعرف :
وينتظم فيه ما أخذ في الاستحسان من رجوعه إلى العرف كالاستحسان في عقد الاستصناع «وهو عقد على معدوم وصح استحسانا لأخذ العرف به» وهذا النوع من الاستحسان من صغريات مسألة «العرف» وحجيته ، وسيأتي أنه لا يكون حجة ودليلا إلا إذا وصل الحكم الّذي يقوم عليه إلى زمن المعصومين وأقر