٤ ـ الوسائل الموضوعة للمباح ، وقد تفضي إلى المفسدة ومصلحتها أرجح من مفسدتها ، ومثلوا لها بالنظر إلى المخطوبة والمشهود عليها ، وكلمة الحق عند سلطان جائر (١).
حكمها :
أما حكمها فقد اختلفوا فيه ، فالذي عليه ابن القيم وجماعة ان الوسيلة تأخذ حكمها مما تنهي إليه ، وقرّب ذلك بقوله : «لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها ، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها ، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها ، ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غاياتها ، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود ، وكلاهما مقصود ، لكنه مقصود قصد الغايات ، وهي مقصودة قصد الوسائل.
فإذا حرّم الرب تعالى شيئا وله طرق ووسائل تفضي إليه ، فإنه يحرّمها ويمنع منها تحقيقا لتحريمه وتثبيتا له ومنها أن يقرب حماه ، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه ، لكان ذلك نقضا للتحريم وإغراء للنفوس به ، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء» (٢).
ومن رأيه ـ أعني ابن القيم ـ تحريم جميع تلكم الأقسام التي ذكرها للوسيلة ، عدا القسم الرابع وهو ما كان موضوعا للمباح ، وقد يفضي إلى مفسدة ، ومصلحته أرجح من مفسدته (٣).
ولكن المالكية والحنابلة ركزوا في الحرمة على خصوص القسم الثاني منها
__________________
(١) أعلام الموقعين : ٣ ـ ١٤٨.
(٢) المصدر السابق : ٣ ـ ١٤٧.
(٣) المصدر السابق : ٣ ـ ١٤٨.