منها : دعوى اتفاق المسلمين على قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) ويرد عليها أنها وإن كانت ثابتة في واقعها ، إلا أن ثبوتها لا يكشف عن حكم الشارع بها لكونها قاعدة عقلية محضة كما يأتي الحديث فيها ، وبالإضافة إلى انها لا تثبت الترخيص في الشبهات التحريمية ـ موضع النزاع مع الأخباريين ـ لادعائهم وجود البيان فيها ، فهي خارجة عن موضوع هذا الحكم العقلي بالورود.
ومنها : دعوى الاتفاق على ان الحكم الظاهري المجعول عند الشك هو الترخيص ، وهذه الدعوى لا أعرف لها مأخذا يمكن الركون إليه مع خلاف الأخباريين في إطلاقها لذهابهم إلى الاحتياط في الشبهات التحريمية.
أدلتهم من العقل :
وعمدة ما استدلوا به هي قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) وما أدري كيف أقحمت في هذا المجال؟ فهي وإن كانت وافية الدلالة على البراءة إلا أنها لا تفي بإثبات البراءة الشرعية لعدم كشفها عن رأي الشارع ـ كمشرع ـ إذ المفروض فيما أخذ فيها هو عدم البيان الشرعي بجميع مراتبه ، ومع كشفها عن رأي الشارع تكون هي بيانا فيلزم من قيامها هدم موضوعها وارتفاعها تبعا لذلك ، أي يلزم من وجودها عدمها ، ولهذا السبب اعتبر العلماء ورود ما دل على البراءة الشرعية على هذه القاعدة لإزالته لموضوعها وجدانا بواسطة التعبد الشرعي ، ومن هنا آثرنا تأجيل الحديث عن هذه القاعدة إلى مبحث البراءة العقلية.
أدلة الأخباريين على التفصيل :
وقد استدل الأخباريون كذلك بالأدلة الأربعة ، وبما أن أدلتهم لا تخص دعواهم من الرجوع في الشبهات التحريمية إلى الاحتياط ، فقد آثرنا تأجيل الحديث فيها إلى القسم اللاحق.