الظاهر (١).
والمجوزون مختلفون بدورهم أيضا ، فمنهم من يستند في حجيته إلى حكم العقل ، وينسب ذلك إلى أحمد بن حنبل وابن شريح وأبو الحسن البصري والصيرفي من الشافعية (٢) ، وزاد أحمد بن حنبل : «ان خبر الواحد يفيد بنفسه العلم ، وحكاه ابن حزم في كتاب الأحكام عن داود الظاهري والحسين بن علي الكرابيسي والحارثي المحاسبي ، قال : وبه نقول ، وحكاه ابن خوازمنداد عن مالك بن أنس ، واختاره وأطال في تقريره» (٣).
وأكثر علماء الإسلام على حجيته على اختلاف بينهم في شروط الحجية ومناشئها.
ويعرف الوجه في حجيته وعدمها من عرض أدلتها إثباتا ونفيا ، فلا حاجة إلى الدخول في تفصيل الأقوال فيهما ومناقشتها بجميع ما لها من خصوصيات.
أدلة المثبتين :
وقد استدل المثبتون ـ على اختلاف أدلتهم ـ بعد ضم بعضها إلى بعض بالأدلة الأربعة : الكتاب ، السنة ، الإجماع ، حكم العقل.
وأهم أدلتهم من الكتاب آيتان :
أولاهما : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(٤).
والظاهر من الآية بقرينة مورد نزولها أنها واردة مورد الردع عن بناء عقلائي قائم إذ ذاك ، وهو الاعتماد على خبر الواحد وان كان غير مؤتمن على النقل.
__________________
(١) إرشاد الفحول : ص ٤٩.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) سورة الحجرات : الآية ٦.