وقد صبت الآية ردعها على خصوص الفاسق ، بما أنه غير مؤتمن على طبيعة ما ينقله بقرينة تعليقها التبيين على نبئه بالخصوص.
وتخصيص التبين بخبر الفاسق ، يكشف بمفهوم الشرط عن إقرارهم على الأخذ بخبر غيره.
وليست القضية هنا واردة لبيان الموضوع ـ كما قد يتخيل ذلك ـ لكون الجزاء معلقا على المجيء ، وانتفاء التبين لانتفائه من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، وهي لا تدل على المفهوم.
وذلك لأن الموضوع في القضية الشرطية إذا كان مؤلفا من جزءين : «أحدهما مما يتوقف عليه الجزاء عقلا دون الآخر ، كما إذا قيل : إن ركب الأمير ، وكان ركوبه يوم الجمعة ، فخذ بركابه ، فإنّ توقف الجزاء على أصل الركوب عقلي ، وعلى كونه في يوم الجمعة شرعي مولوي ، ففي ذلك يثبت لها المفهوم بالإضافة إلى خصوص الجزء الّذي لا يتوقف عليه تحقق الجزاء عقلا ولا يكون لها مفهوم بالإضافة إلى الجزء الآخر» (١).
والموضوع الّذي ركز عليه التبين هنا كان مركبا من النبأ ومجيء الفاسق به ، فإذا انتفى مجيء الفاسق به انتفى لزوم التبين عنه ، فكأنه قال : النبأ الّذي لا يجيء به الفاسق لا يجب التبين عنه ، وهو معنى حجية النبأ الّذي يجيء به غير الفاسق ، والظاهر أن انطواء الآية على تخصيص الردع بقسم من الأخبار التي قام بناؤهم على الأخذ بها مطلقا وإقرار الباقي مما لا ينبغي ان يكون موضعا لكلام ، وظهورها في ذلك لا تزعزعه كثرة ما أورد عليها من الإشكالات قد يخضع أكثرها لفلسفة لغوية ، ولكنه لا يقوى مهما كانت قيمته على زلزلة ما لها من ظهور عرفي وهو الأساس في الحجية ، وبخاصة إذا لاحظنا أسلوب عرضها للفكرة وألقينا عليها
__________________
(١) دراسات الأستاذ المحقق الخوئي قدس سرّه : ص ٩٧.