بالمباح ، ... والثالث الحكم الوضعي» (١) اللهم الا ان يكون ذلك مجرد اصطلاح منهم ، وليس لنا ان نؤاخذهم فيه ، وإذا أردنا ان نجاريهم في ذلك فالأنسب ان نعرف الحكم التكليفي بما عرّفه به بعضهم من أنه «الاعتبار الصادر من المولى من حيث الاقتضاء والتخيير» (٢) لخلوه عن الإشكالات السابقة ، عدا أخذ التخيير فيه.
أقسام الحكم التكليفي :
قسّم غير الأحناف الأحكام التكليفية إلى خمسة أقسام :
القسم الأول : الوجوب
ويراد به الإلزام بالفعل ، فيكون معنى الواجب بالطبع «الفعل الّذي فرضه الله على العباد ولم يرخص لهم في تركه» أو «الفعل الّذي ألزم الشارع بالإتيان به» على اختلاف في التعبير في مقام تحديده.
وهو ـ أعني الوجوب ـ انما يستفاد في مقام الإثبات من كل ما يدل عليه بالوضع أو بالقرينة ، كمادة الوجوب بأية صيغة كانت أو ما يرادفها من الألفاظ ، وكبعض الجمل الاسمية التي تقوم معها قرينة على إرادته ، والصيغ التي تؤدي إليه هي صيغة «افعل» وما في معناها ، وقد اختلفوا في أن دلالتها بالوضع كما هو مدعى من يستدل عليها بالتبادر وعدم صحة السلب ، أو بدليل العقل بادعاء انها لا تدل على أكثر من الباعثية نحو الفعل ، والعقل يلزم بالانبعاث عن بعث المولى ما لم يأت المرخص من قبله. والّذي عليه محققو المتأخرين من علماء الأصول هو الثاني ، ولا يهمنا تحقيقه الآن ما دام الجميع يؤمنون بدلالة الصيغة على الوجوب
__________________
(١) مباحث الحكم عند الأصوليين : ١ ـ ٥٨ نقلا عنه.
(٢) مصباح الأصول : ص ٧٨.