تحديدها :
ولتحديد معنى المصالح المرسلة لا بد من تحديد معنى المصلحة أولا ثم تحديد معنى الإرسال فيها ليتضح معنى هذا التركيب الخاصّ.
ويقول الغزالي : المصلحة هي : «عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة ـ وقال ـ : ولسنا نعني به ذلك ، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق وصلاح الخلق ، في تحصيل مقاصدهم ، لكنا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع ومقصود الشرع من الخلق خمسة : وهو ان يحفظ عليهم دينهم ، ونفسهم ، وعقلهم ، ونسلهم ، ومالهم : فكل ما يتضمن هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة ، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة» (١).
وعرفها الطوفي بقوله : هي «السبب المؤدي إلى مقصود الشرع عبادة وعادة» (٢) وأراد بالعبادة «ما يقصده الشارع لحقه» (٣) والعادة «ما يقصده الشارع لنفع العباد وانتظام معايشهم وأحوالهم» (٤).
وأما تعريفهم للإرسال فقد وقع موقع الاختلاف لديهم ، فالذي يبدو من بعضهم ان معناه عدم الاعتماد على أي نصّ شرعي ، وإنما يترك للعقل حق اكتشافها ، بينما يذهب البعض الآخر إلى ان معناها هو عدم الاعتماد على نصّ خاص وإنما تدخل ضمن ما ورد في الشريعة من نصوص عامة ، واستنادا إلى هذا التفاوت في معنى
__________________
(١) المستصفى : ١ ـ ١٤٠.
(٢) رسالة الطوفي المنشورة في مصادر التشريع : ص ٩٣.
(٣) المصدر السابق.
(٤) المصدر السابق.