وظاهر موهوم ، ولو قاله عن نصّ قاطع لصرّح به ـ إلى أن يقول ـ : أما وجوب اتباعه ولم يصرح بنقل خبر فلا وجه له» (١).
والواقع أن إثبات كونه من مصادر التشريع لا ينسجم إلا إذا اعتبرت تصرفاته ـ قولا أو فعلا أو تقريرا ـ من السنة ، والأدلة التي ذكروها تأبى إثبات هذا المعنى ، وحمل الصحة لا يكفي لإعطاء تصرفاته صفة التشريع والحكاية عن أحكام الله الواقعية.
أدلة المثبتين :
استدل المثبتون على حجية أقوالهم على اختلاف بينهم في سعة المبنى وضيقه بجملة من الأحاديث ، أمثال : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» أو قوله : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» (٢) ، أو قوله : «اقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر» (٣) ، وأمثالها.
وقد ذكرنا ـ في مبحث سنة الصحابة ـ ضعف أسانيد بعضها واستحالة التعبد الشرعي من قبل الشارع بها للزوم التعبد بالمتناقضات ومعارضتها باخبار الحوض ، فلا بدّ من تأويلها أو تأويل ما يصح منها بغير مجالات اعتبار الحجية صونا لكلام الشارع من الوقوع في التناقض.
وقد ناقش الغزالي كل ما يتصل بهذه الأحاديث في بحثه عنها مناقشات لا يخلو أكثرها من أصالة.
فعدها ـ من قبل الغزالي (٤) والآمدي (٥) في الأصول الموهومة ـ في موضعه.
__________________
(١) المستصفى : ١ ـ ١٣٦.
(٢) سنن الترمذي : كتاب العلم ، الحديث : ٢٦٠٠.
(٣) سنن الترمذي : كتاب المناقب ، الحديث ٣٥٩٥.
(٤) المستصفى : ١ ـ ١٣٥.
(٥) الأحكام : ٣ ـ ١٣٦.