الأحناف فقد قسموها إلى ثمانية أقسام هي : الفرض ، الواجب ، الحرمة ، السنة المؤكدة ، السنة غير المؤكدة ، كراهة التحريم ، الكراهة التنزيهية ، الإباحة. وأرادوا بالفرض الطلب الإلزاميّ الّذي قام عليه دليل قطعي ، وبالواجب الطلب الإلزاميّ الّذي قام عليه دليل ظني ، وبالسنة المؤكدة ما واظب على فعله الرسول من الطلب غير الإلزاميّ ، وبالسنة غير المؤكدة ما لم يواظب عليه منها ، ووافقوا غيرهم في مفهوم الحرمة.
أما كراهة التحريم ، فقد أرادوا منها ما كان طلب الترك شديدا ، فهو أقرب إلى الحرمة بخلاف النهي التنزيهي (١) ، وفي الإباحة وافقوا الجميع في مفهومها.
وهذا ـ فيما يبدو ـ تطويل في التقسيم لا طائل تحته ، وثمراته التي ذكروها لا تبرره ، ولعلنا سنتحدث عنها في مواضعها من بحوثنا الفقهية ، فالأنسب الاقتصار على تقسيم جمهور الأصوليين للأحكام التكليفية.
الحكم الوضعي :
وقد عرفت بتعاريف لعل أسدّها «الاعتبار الشرعي الّذي لا يتضمن الاقتضاء والتخيير» وقد اختلفوا في عد الأحكام الوضعيّة ، فقيل ثلاثة وهي : السببية ، والشرطية ، والمانعية ، وقيل خمسة ، بزيادة العلة والعلامة ، وقيل تسعة ، بزيادة الصحة ، والفساد ، والرخصة ، والعزيمة.
والحق انه لا موجب لتحديدها بعدد مخصوص ، بل يقتضي شمولها لكل ما انطبق عليه هذا التعريف ، على ان انطباق عنوان الحكم الوضعي على بعضها لا يخلو من تأمل ، لعدم إمكان تصور الجعل والاعتبار بنوعيه بالنسبة لبعضها وإمكان إلحاق بعض آخر منها بالأحكام التكليفية ، وسيتضح الأمر فيها بعد
__________________
(١) مباحث الحكم عند الأصوليين : ١ ـ ٦٣ وما بعدها.