«وقد يكون هادي المجتهد في أحكام الزواج مبدأ أو تعليلا تقرر في أحكام البيع ، فلا يكون مجتهدا إلا إذا كان على علم تام بأحكام القرآن والسنة حتى يصل من مقارنة بعضها ببعض ومن مبادئها العامة إلى الاستنباط الصحيح» (١).
وموضع المفارقة ان العلم بأحكام القرآن أو السنة إنما يحتاج إليه المجتهد في مجالات إعمال الملكة لا مجالات تكونها.
على أن هذا التعميم في العلم لجميع أحكامها لا يحتاج إليه حتى في مجالات إعمال الملكة ، وإلا لتعذر عليه استنباط حكم واحد أو تعسر على الأقل ، وعلى الأخص إذا لاحظنا تشعب كتب السنة صحاحا ومسانيد وسننا.
بل يكفيه منها فحصه عن مواضع الأدلة من الآيات والروايات وغيرهما من كتب الفقه والحديث ، وفحصها على نحو يحصل له العلم بكفاية ما وصل إليه لاستنباط الحكم الّذي يريد استنباطه من أدلته.
خلاصة الرّأي :
وخلاصة ما انتهينا إليه من رأي ، ان التوفر على معدات الاجتهاد جميعا هو الّذي يكوّن الاجتهاد كملكة ، ومع فقد بعضها والتقليد في البعض الآخر فإن صاحبها لا يخرج عن كونه مقلدا لاتباع النتائج أخس المقدمات بالضرورة. فملكة الاجتهاد إذن ، إما أن توجد مطلقة أو لا توجد أصلا.
__________________
(١) علم أصول الفقه لخلاف : ٢٦٢.