التقليد في الأدلة المعتبرة.
الخلاف في حجيته :
والغريب ان تتعاكس فيه الآراء إلى درجة تشبه التناقض. فالحشوية والتعليمية يذهبون «إلى ان طريق معرفة الحق التقليد وان ذلك هو الواجب ، وان النّظر والبحث حرام» (١) «وقال قوم من القدرية يلزمهم النّظر إلى الدليل» (٢) وهو الّذي نسب إلى علماء حلب (٣) أيضا.
وأكثرية المسلمين من الشيعة والسنة على وجوبه تخييرا على اختلاف في اعتبار بعض الشرائط في المفتي سنعرض لها بشيء من الحديث.
رأي الحشوية والتعليمية :
وربما وافقهم ابن الصلاح ومن تبعه في عهود التقليد من السنة ، وقد سبق الحديث منا في مناقشة ما ساقوه من الأدلة على لزوم حظر الاجتهاد والرجوع إلى خصوص الأئمة الأربعة.
أما أصل مبنى الحشوية في حظر الاجتهاد مطلقا في جميع العصور ، فلم أعثر على توجيه له. والّذي يبدو من عرض الغزالي له في مسألة التقليد الّذي عرفه بقبول قول الغير بلا حجة أنهم يحظرون الاجتهاد حتى في مسألة وجوب التقليد عينا ليكون قولهم بلا حجة ، وقد أطال في رده في غير طائل ـ بعد افتراضه انه قول بلا حجة ـ وكان حسبه في رده ان يقول ان لا دليل على حجيته.
ومثل هذا التقليد ـ بالإضافة إلى عدم قيام الحجة عليه ـ قيام الأدلة القاطعة على الردع عنه ، وحسبك ما صرح به الكتاب العزيز من ذمه للمقلدين الذين
__________________
(١) المستصفى : ٢ ـ ١٢٣.
(٢) المصدر السابق : ٢ ـ ١٢٤.
(٣) القوانين : ٢ ـ ١٦١.