فهي عندهم كل ما يصدر عن المعصوم قولا وفعلا وتقريرا ، وبالطبع ان الّذي يهمنا هو المصطلح الثالث ، أعني مفهومها عند الأصوليين لأن الحديث عن حجيتها انما يتصل بهذه الناحية دون غيرها ، وطبيعة المقارنة تستدعي استعراض آرائهم على اختلافها في هذه المسألة الهامة.
والحديث حول حجية السنة يقع في مواقع ثلاث :
١ ـ حجية ما صدر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قول ، أو فعل ، أو تقرير.
٢ ـ حجية ما صدر عن الصحابة من ذلك بالإضافة إلى معناها الأول ، وهو الّذي اختاره الشاطبي.
٣ ـ حجية ما صدر عن الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام بالإضافة إلى معناها الأول أيضا ، وهو الّذي تبنّاه الشيعة على اختلاف منهم في المراد من أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
حجية السنة النبوية :
والحديث حول حجية ما صدر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قول أو فعل أو تقرير ، أوضح من ان يطال فيها الحديث ، إذ لولاها لما اتضحت معالم الإسلام ، ولتعطل العمل بالقرآن ، ولما أمكن ان يستنبط منه حكم واحد بكل ما له من شرائط وموانع ، لأن أحكام القرآن لم يرد أكثرها لبيان جميع خصوصيات ما يتصل بالحكم ، وإنما هي واردة في بيان أصل التشريع ، وربما لا نجد فيه حكما واحدا قد استكمل جميع خصوصياته قيودا وشرائط وموانع ، خذوا على ذلك مثلا هذه الآيات المباركة (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(١) ، (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(٢) ، (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٤٣.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٨٣.