الحاصل منه.
ولكن سبق لنا ان استعرضنا جلّ أدلة أخبار الآحاد ، فلم نجد فيها ما يشير إلى هذه العلة ، وهي اعتبار الظن ، لذلك عممنا حجيته إلى ما لم يفد الظن منه ، ولم نجعل الظن مقياسا لنلجأ إليه ، فأركان القياس إذن لم تتوفر في هذا الموضع ليصح الأخذ به.
وعلى هذا ، فالشهرة الفتوائية لا مستند لها ليؤخذ بها ، فهي ليست بحجة كما ذهب إلى ذلك الكثير من الفقهاء.
(٣)
حجية مطلق الظن بالسنّة :
ويراد به العمل بكل ظن يتولد للإنسان من أي سبب كان ، إذا كان متعلقا بحكم شرعي يظن انه ثبت بالسنّة.
وقد استدل له بأدلة كلها عقلية ، وليس فيها ما ينهض بالدليلية ، وجل أدلته مما ترجع إلى ما يسمى بدليل (الانسداد الكبير) وقد عرضناه وناقشناه في مبحث القياس لاستدلال بعضهم به على حجيته باعتباره من مصاديق ما يحصل به الظن ، والّذي يرتبط من أدلته ببحوثنا هذه ما ذكره صاحب الحاشية من عده في جملة ما تثبت به السنّة بمقتضى فحوى دليله ، وحاصل ما استدل به : «إنا نعلم علما قطعيا بلزوم الرجوع إلى السنّة بحديث الثقلين وغيره مما دل على ذلك ، فيجب علينا العمل بما صدر عن المعصومين ، فإن أحرز ذلك بالقطع فهو ، وإلا فلا بدّ من الرجوع إلى الظن في تعيينه ، ونتيجة ذلك وجوب الأخذ بما يظن بصدوره» (١) ، ومن الواضح ان الظن هنا لم يقيد بكونه حاصلا من الأخبار ليكون دليلا على حجية ما يفيد الظن منها كما أفيد ، بل أطلق لما يشمل كل ظن بالسنّة ومن أي
__________________
(١) الدراسات : ص ١٢٥.