تضاءل استعماله على ألسنة المتأخرين ، وأصبحت لفظة القياس لا تطلق غالبا إلا على ما عرضناه من المعنى الأول له ، وكاد ان يهجر المعنى الثاني على ألسنتهم ، وإنما أشرنا إليه لما يترتب على تاريخ هذه الكلمة (القياس) ومعناها ، عبر الأزمان ، من ثمرات في مجالات المناقشة في حجيته ستأتي الإشارة إليها في موضعها.
أركان القياس :
وللقياس بمعناه الأول أركان أربعة ، يمكن انتزاعها من نفس التعريف :
١ ـ الأصل أو المقيس عليه : وهو المحل الّذي ثبت حكمه في الشريعة ، ونصّ على علته ، أو استنبطت بإحدى المسالك الآتية.
٢ ـ الفرع أو المقيس : وهو الموضوع الّذي يراد معرفة حكمه من طريق مشاركته للأصل في علة الحكم.
٣ ـ الحكم : ويراد به الاعتبار الشرعي الّذي جعله الشارع على الأصل ، والّذي يطلب إثبات نظيره للفرع.
٤ ـ العلة : وهي على نحو الإجمال الجهة المشتركة بينهما التي بنى الشارع حكمه عليها في الأصل.
فإذا قال الشارع ـ مثلا ـ : حرّمت الخمر لإسكارها ، فالخمر أصل ، والحرمة حكمه ، والإسكار علتها ، فإذا وجد الإسكار في النبيذ (وهو الفرع) فقد ثبتت الحرمة له بالقياس.
وقد ذكروا لهذه الأركان شرائط ، وأطالوا في التحدث عنها وأكثرها انما ذكر للوقاية عن الوقوع فيما أسموه بالقياسات الفاسدة ، وليس من المهم عرضها الآن عدا ما يتصل منها بالعلة وملابساتها ، لأنها هي المنطلق للتحدث عن حجية القياس وعدمها ، فالأنسب قصر الكلام عليها.