على بعض إذا كانت صادرة من شارع ، نظرا لأهميتها ـ كما هو مقتضى التعبير عنها بكونها أحسن ـ انما هو من شئون الكتاب والسنة.
وقد سبق ان قلنا ان ترجيح دليل لفظي على دليل عند المزاحمة أو المعارضة يعود في واقعه إلى تعيين الحجة الفعلية من بين الأقوال ، فهو راجع إليها ، فعد الاستحسان دليلا في مقابلها ـ بأمثال هذه الآيات ـ لا يتضح وجهه ، ومن الواضح ان الأخذ بأقوى الدليلين لا يتعدى الأخذ بأحدهما فهو ليس دليلا في مقابلهما.
وما يقال عن هذه الآية ، يقال عن الآية الأخرى مضافا إلى أنها اعتبرت اتباع الأحسن في خصوص ما أنزل عليهم ، لأن الأحسن بعض ما أنزل ـ بحكم إضافته إلى ما ـ فإثبات ان الاستحسان مما أنزل أو مما لم ينزل ، لا يرجع تعيينه إلى هذه الآية لبداهة ان القضية لا تثبت موضوعها.
٣ ـ ان الآيتين أجنبيتان عن عوالم جعل الحجية للاستحسان أو غيره لأنهما غير واردتين لبيان هذه الجهة ، ولذا لو بدلت لفظة الأحسن بلفظة أنهم يعملون بالاستحسان في مجالات الاستنباط لا يستقيم المعنى بحال.
أدلتهم من السنة :
وقد استدلوا منها بما روي عن عبد الله بن مسعود من أنه قال : «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» (١) ويرد على الاستدلال بها :
١ ـ انها موقوفة على ابن مسعود ولم يروها أحد عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، وربما كانت كلاما له لا حديثا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومع هذا الاحتمال لا تصلح للدليلية أصلا.
__________________
(١) إبطال القياس والرّأي : ص ٥٠.
(٢) المصدر السابق (الهامش).