ذلك استعراض آراء الآخرين ، ويوازن بينها على أساس من القرب من الأدلة والبعد عنها ، وما عدا ذلك فطبيعة مسائلهما متحدة كما يدل على ذلك تقارب تعريفهما وان اختلفا في الغاية من كل منهما ، لأن الغاية من علم الأصول تحصيل القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.
الغاية من أصول الفقه المقارن :
بينما نرى أن الغاية من أصول الفقه المقارن هي الفصل بين آراء المجتهدين بتقديم أمثلها وأقربها إلى الدليليّة ، وربما كانت رتبة الأصولي المقارن متأخرة عن رتبة الباحث في الأصول ، لأن الفصل بين الآراء لا يكون إلا بعد تحصيل القدرة على معرفة الأمثل من الأدلة ، وهي لا تكون إلا للمجتهدين عادة في الأصول.
موضوع أصول الفقه المقارن :
هو : كل ما يصلح للدليلية من أدلته ، وحصره إنما يكون بالاستقراء والتتبع ، ولا معنى لتخصيصه بالأدلة الأربعة لا بما هي أدلة كما ذهب إلى ذلك المحقق القمي (١) ، ولا بما هي هي كما ذهب إليه صاحب الفصول ليرد عليهما خروج كثير من المباحث الأصولية ، أمثال الاستصحاب والقياس وخبر الواحد ، لبداهة أنها ليست من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو دليل العقل ، وان كانت أدلة حجيتها مما ترجع إليها.
وهما ـ أعني أصولي الفقه والفقه المقارن ـ متشابهان في تمام مواضيعهما ، وإن اختلفا بقيد الحيثية في كل منهما.
والخلاصة : ان في كل منهما مواضع للالتقاء وأخرى للافتراق ، فهما يلتقيان في
__________________
(١) قوانين الأصول : ١ ـ ٤ مقدمة في تعريف أصول الفقه وبيان رسمه وموضوعه. (نسخة مصورة منشورات علمية إسلامية).