ج ـ في وقوع مثل ذلك الجعل وعدمه :
ثم مدى ما تدل عليه أدلة الترخيص ـ أمارة أو أصلا ـ فالظاهر ان الحال يختلف فيها باختلاف ما تفيده ألسنة جعلها ، واعتبارها من قبل الشارع.
الأمارة والعلم الإجمالي :
أما الأمارة فالظاهر ان أدلتها غير وافية بالشمول لجميع الأطراف لانتهائها إلى التكاذب ، لأن ما دل على وجود الحكم في كل من الأطراف يدل بالدلالة الالتزامية على نفيه في الآخر للعلم بوحدة الواقعة ، كما هو الفرض ، ومقتضى ذلك تكاذبهما.
فالخمرية المرددة بين إناءين إذا قامت البينة على وجودهما في الإناء الأول فقد دلت بالالتزام على عدم وجودها في الإناء الثاني وتكذيب من يدعي وجودها فيه ، وإذا قامت الثانية على وجودها في الإناء الثاني فقد دلت على عدم وجودها في الإناء الأول بالالتزام ، كما دلت على تكذيب من يدعي وجودها فيه ، ونتيجة ذلك هي التكاذب بينهما ، بالإضافة إلى عدم إمكان الأخذ بهما معا لانتهائهما إلى جمع النقيضين في الإناء الواحد ، أعني وجود الخمر وعدمه.
واعتبار الحجية في إحدى الأمارتين دون الأخرى ترجيح بلا مرجح ، واعتبارها لإحداهما غير المعينة لا تجدي ، لعدم الاستفادة منها في مجالنا الخاصّ ، وتقييد إحداهما بعدم ارتكاب الطرف الثاني مما ينتج التخيير ، غير معقول ، لعدم معقولية الإطلاق ، وهما من قبيل الملكة والعدم ، مع ان لازم ذلك هو جعل الحجية لهما معا عند عدم ارتكاب الطرفين ، كما قدمنا.
وأما الأصول ، فالحال فيها يختلف أيضا ، فإن كانت على وفق المعلوم بالإجمال فلا محذور لدى الأكثر في جريانها في تمام الأطراف ، وترتيب الآثار عليها ثبوتا ، والأدلة شاملة لها.