المعصية من قبله قبيح ينزه عنه سبحانه ، وجعله في بعض الأطراف دون بعض ترجيح بلا مرجح.
وذهب بعضهم إلى إمكان جعله في الجميع على أن يقيد كل مرخص منها بصورة عدم ارتكاب الطرف الآخر فينتج التخيير بينهما. وهذا النوع من التقييد مستحيل أيضا ، لانتهائه إلى التعبد بهما معا عند ارتكابهما ـ أي إلى الترخيص في مقطوع المعصية ـ لتوفر الشرط في كل منهما ، وهو عدم الارتكاب.
بالإضافة إلى أن الإطلاق والتقييد إنما هما من قبيل الملكة والعدم ، فالمحل الّذي لا يكون قابلا لأحدهما لا يكون قابلا للآخر ، وحيث افترضنا استحالة الإطلاق في مقام الثبوت فلا بد أن يكون التقييد مستحيلا فيه أيضا ، فالترخيص على هذا في جميع صوره لا يمكن جعله في مقام الثبوت.
هذا إذا كانت نسبة المرخص إلى الجميع نسبة واحدة ، أما إذا اختلفت النسبة في الأطراف بأن كان بعضها موضعا لأمارة أو أصل دون الباقي ، أمكن جعلها والتعبد بها بالنسبة إلى ذلك الطرف ، ولا محذور في ذلك ، وسيأتي ان هذا القسم من جملة ما يحل به العلم الإجمالي.
هذا كله في مقام الثبوت ، أما في مقام الإثبات فهو متفرّع بالبداهة على مقام الثبوت ، فإذا افترض استحالة الجعل والتعبد بالمرخص فيه ، فإن الأدلة المعبرة عنه لا يمكن أن تكون شاملة لهذه الأقسام بداهة ، لأن التمسك بظهورها في شمول هذه الأقسام إنما يلجأ إليه عند الشك ، ومع العلم بعدم الشمول لا مجال لحجية مثل هذا الظهور.
وإذا كان ولا بد من التغاضي عن مقام الثبوت والتماس ما تقتضيه الأدلة بنفسها.