وتوهم أن جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقية ينافي اختصاصها بالموجودين ، مدفوع بأن جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقية معناه عدم دخل خصوصية الأفراد في ثبوت الحكم لا عدم اختصاص الحكم بحصة دون حصة ، فإذا شككنا في أن المحرم هو الخمر مطلقا أو خصوص الخمر المأخوذ من العنب ، كان الشك في حرمة الخمر المأخوذ من غير العنب شكا في ثبوت التكليف ، ولا مجال لجريان الاستصحاب معه.
والمقام من هذا القبيل ، فإنا نشك في أن التكليف مجعول لجميع المكلفين ، أو هو مختص بمدركي زمان الحضور فيكون احتمال التكليف بالنسبة إلى غير المدركين شكا في ثبوت التكليف لا في بقائه» (١).
وكذلك الأمر بالنسبة إلى من لم يدرك منا زمان ما قبل رسالتنا أي زمن (شرع من قبلنا).
الخلاصة :
والخلاصة ان الأدلة اللفظية لو تمت حجيتها على إقرار الشرائع السابقة فهي إنما تدل على أصلها لا على كتبها المتداولة ، والعلم الإجمالي في طرو التحريف على الأصل يمنع من التمسك بظواهر جميع أطرافها لاحتمال طروّ النقص أو الزيادة على كل منها ، ولا مدفع لهذا الاحتمال من أصل أو غيره لعدم جريانها في أطراف العلم الإجمالي أو جريانها وتساقطها للمعارضة على اختلاف في المبنى.
نعم لا يبعد تمامية ما ذهب إليه جمهور الحنفية وغيره لجمعه بين ما دل على أصل الإمضاء للشرائع السابقة وما يقتضيه العلم الإجمالي من عدم حجية ظواهر ما دل على أحكام الشرائع السابقة من كتبها المنزلة ، لأن ما نقل منها في الكتاب العزيز
__________________
(١) مصباح الأصول : ١٤٨ تقريرا لآراء المحقق الخوئي قدس سرّه.