الاستصحاب وقاعدة اليقين :
وقاعدة اليقين تشارك الاستصحاب في جملة أركانه إلا ما يتصل بفعلية اليقين والشك منها ، إذا لا يقين فعلي فيها لفرض سريان الشك إلى نفس اليقين وإزالته كما هو فحوى تحديدها.
فقاعدة اليقين تفترض ان يكون الشك فيها ساريا إلى نفس اليقين السابق ومزيلا له ، بينما يجمعها الاستصحاب على صعيد واحد إلا في ناحية الزمان ، فإذا علمنا ـ ونحن في يوم الأحد مثلا ـ بحياة زيد يوم الجمعة وشككنا ببقائها إلى يوم السبت فنحن الآن نملك يقينا بالحياة يوم الجمعة وشكا بالحياة في يوم السبت ، وكلاهما فعليان ، فالمثال يصلح للاستصحاب ، وإذا علمنا ـ ونحن في يوم الأحد ـ بحياة زيد يوم الجمعة ثم شككنا بعد ذلك فيها في يوم الجمعة كأن يكون قد طرأ علينا ما يزيل ذلك اليقين ، فالمثال يصلح لقاعدة اليقين ، إذ بعد زوال اليقين في حياته يوم الجمعة ، لا يبقى عندنا يقين فعلي ، فالفارق بينهما اذن هو في فعلية اليقين السابق في أحدهما وعدمها في الآخر.
وقد وقع الخلط بين القاعدتين على ألسنة كثير من الاعلام لخفاء الفارق بينهما ، والأدلة التي يملكها الأصوليون لا تنهض ـ على تقدير تماميتها ـ بغير الاستصحاب ، إذ لا معنى لصدق النهي عن نقض اليقين مع عدم فعليته بداهة.
الاستصحاب وقاعدة المقتضي والمانع :
ومن التأمل في هذه الأركان أيضا ندرك الفارق بين القاعدتين لاعتبارنا في الاستصحاب وحدة المتعلق لليقين والشك بخلاف قاعدة المقتضي والمانع ، فإن متعلق اليقين فيها هو وجود المقتضي للشيء ، ومتعلق الشك هو حصول المانع من تأثيره «فإذا صببنا الماء لتحصيل الطهارة من الخبث مثلا ، وشككنا في تحقق الغسل لاحتمال وجود مانع من وصول الماء ، فلنا يقين بوجود المقتضي وهو