استفيد اعتبار الاتصاف بالعدم في متعلق الحكم أو موضوعه فاستصحاب العدم ـ بمفاد كان التامة ـ أي العدم المحمولي لا يثبته لأن الاتصاف من الأمور الوجودية الموقوفة على وجود موضوعها ، وان لم يستفد من الأدلة اعتبار الاتصاف واستفيد تركب المستصحب من جزءين هما ـ في مقامنا ـ المكلف وخلو الذّمّة ، فاستصحاب خلو الذّمّة ـ بمفاد كان التامة ـ يثبت الموضوع ، لأن زيدا مثلا مكلف بالوجدان ، والذّمّة غير مشغولة بالأصل.
هذا كله إذا أريد من العدم العدم الثابت قبل التأهل للمكلف ـ أي في أيام طفولته وقبل اتصافه بالتمييز ـ اما إذا أريد بالعدم العدم الثابت له قبل البلوغ وبعد تأهله للتكليف بالتمييز ، فالاستصحاب لا يجري بناء على استفادة أن البلوغ من مقومات الموضوع عرفا للعلم بتبدل الموضوع ، ومع العلم بتبدل الموضوع لا يجري الاستصحاب لفقده ركنا من أركانه.
نعم ، من لا يرى البلوغ مقوما لموضوع التكليف عرفا لا مانع من جريان الاستصحاب بالنسبة إليه.
والنتيجة ان بناء هذه القاعدة على الاستصحاب لا يصدق إلا في بعض الصور على بعض المباني ، فلا تصلح أن تكون قاعدة عامة مرتكزة في جملة ركائزها على الاستصحاب.
و ـ استصحاب النص إلى أن يرد النسخ (١) :
وقد عد المحدث الأسترآبادي هذا النوع من الاستصحاب من الضروريات ، وقد سبق الإشكال مفصلا فيه في مبحث «شرع من قبلنا» (٢) والحقيقة انا لسنا في حاجة إلى هذا الأصل لإثبات استمرار الشريعة ، وحسبنا من الأدلة اللفظية
__________________
(١) فلسفة التشريع في الإسلام : ص ١٧٩.
(٢) راجع : ص ٤١٣ وما بعدها من هذا الكتاب.