(تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١) و (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً)(٢) و (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٣) مع وضوح أن دلالتها على ذلك دورية ، لبداهة ان دلالة هذه الآيات على كون القرآن من الله موقوفة على ان تكون هي من الله ، وكونها من الله تعالى موقوف على كون القرآن منه تعالى ، وهي بعضه ولا تميز لها عن بقية آياته من حيث النسبة إليه ليرتفع به الدور ، اللهم إلا ان يكون ذكرها لديه من باب الاستئناس بها لا الاستدلال.
وعلى أي حال فحجية القرآن أكبر من ان يتحدث عنها بين المسلمين بعد إيمانهم جميعا بثبوت تواتره وإعجازه ، ومثل هذا الحديث يقتضي ان يساق إلى غيرهم كوسيلة من وسائل الدعوة إلى الإسلام ، لا أن يثار بين صفوفهم ويتحدث فيه.
المحكم والمتشابه :
والقرآن فيه محكم ومتشابه ، لقوله سبحانه : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)(٤) وقد اختلف في تعريفهما على أقوال :
«قال الجبائي : المحكم ما لا يحتمل إلا وجها واحدا ، والمتشابه ما يحتمل وجهين فصاعدا ، وقال جابر : المحكم ما يعلم تعيين تأويله ، والمتشابه ما لا يعلم تعيين تأويله» (٥) وقيل : «المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل ،
__________________
(١) سورة الم السجدة : الآية ٢.
(٢) سورة النساء : الآية ١٠٤.
(٣) سورة النجم : الآيتان ٤ ـ ٥.
(٤) سورة آل عمران : الآية ٧.
(٥) متشابهات القرآن ، لابن شهرآشوب : ٢.