مذهب الماتريدية :
وهم أتباع أبي منصور محمد الماتريدي من الأحناف ، حيث أنكروا «ترتب حكم الشرع على حكم العقل ، لأن العقول مهما نضجت قد تخطئ ، ولأن بعض الأفعال مما تشتبه فيه العقول» (١) ، وذلك لأن العقول ـ بما هي عقول ـ لا تخطئ ولا تشتبه. نعم هناك تخيلات لأحكام عقلية وهي صادرة عن قوى أخرى في النّفس وفيها يقع الخطأ والاشتباه.
على أن القطع مصدر الحجج ومنتهاها ، ومع فرض قيامه فلا يعقل تصور الخطأ والاشتباه من القاطع ، إذ ليس وراء الرؤية الكاملة شك أو احتمال اشتباه ـ نعم ربما أرادوا بذلك المناقشة من حيث تحقق الصغرى ، أي إنكار حصول القطع بحكم الشارع على الدوام ، وهذا صحيح كما سبق بيانه مفصلا ـ ولكن ضيق التعبير هو الّذي أدّى بهم إلى نسبة الخطأ والاشتباه إلى العقول ، وما يقال عن مذهب الماتريدية يقال عن :
مذهب بعض الأخباريين من الشيعة :
من القول : «بعدم جواز الاعتماد على شيء من الإدراكات العقلية في إثبات الأحكام الشرعية ، وقد فسر هذا القول بأحد وجوه ثلاثة حسب اختلاف عبارات الباحثين منهم :
١ ـ إنكار إدراك العقل للحسن والقبح الواقعيين ...
٢ ـ بعد الاعتراف بثبوت إدراك العقل إنكار الملازمة بينه وبين حكم الشرع.
٣ ـ بعد الاعتراف بثبوت إدراك العقل وثبوت الملازمة إنكار وجوب إطاعة الحكم الشرعي الثابت من طريق العقل ، ومرجع ذلك إلى إنكار حجية
__________________
(١) مباحث الحكم : ١ ـ ١٧٤.