الواحد بضروب من الحكم والفتيا.
والظاهر أن مراده هو الردع عن خصوص القسم الرابع من الأقسام التي ذكرناها ، كما تومئ إليه بقية أقواله ، مما لا تخضع لضوابط من شأنها أن تقلل من وقوع الاختلاف وتفسح المجال أمام المتطفلين على منصب الإفتاء ليرسلوا كلماتهم بسهولة استنادا إلى ما يدعونه لأنفسهم من انقداحات نفسية وأدلة لا يقدرون على التعبير عنها ، مما يسبب إشاعة الفوضى في عوالم الفقه والتشريع.
ولكن هذا النوع من الاستدلال أقرب إلى النهج الخطابي منه إلى الروح العلمية ، فالأنسب ان يدفع هذا القسم بعدم قيام الدليل على حجيته ، لأن ما ذكروه من الأدلة لا يصلح ـ على الأقل ـ لإثبات ذلك على الخصوص ، ويكفي شكنا في الحجية للقطع بعدمها.
والخلاصة : إن كان المراد بالاستحسان هو خصوص الأخذ بأقوى الدليلين فهو حسن ولا مانع من الأخذ به ، إلا أن عده أصلا في مقابل الكتاب والسنة ودليل العقل لا وجه له «وان كان ـ كما يقول ابن القفال ـ ما يقع في الوهم من استقباح الشيء واستحسانه من غير حجة دلت عليه من أصل ونظير فهو محظور والقول به غير سائغ» (١).
__________________
(١) إرشاد الفحول : ص ٢٤١.