فالقرآن هو خصوص ما بين الدفتين دون أن يزاد فيه حرف أو ينقص ، ولقد أحصيت آياته فبلغت «ستة آلاف وثلاثمائة واثنتين وأربعين آية ، منها خمسمائة آية فقط تتعلق بالأحكام» (١) ، وقد انتظمت هذه الآيات في سور بلغ مجموعها مائة وأربع عشرة سورة ، أولها (الحمد) وآخرها (الناس).
وآخر ما نزل من آياته قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(٢) ، وقد نزلت في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة في غدير خم عند عودته صلىاللهعليهوآلهوسلم من حجة الوداع ، وبعد أن أعلن الولاية لعلي ، كما ورد ذلك في كثير من الروايات المأثورة لدى الطرفين (٣).
حجيته :
والحديث حول حجيته موقوف على تمام مقدمتين :
أولاهما : ثبوت تواتره الموجب للقطع بصدوره ، وهذا ما لا يشك فيه مسلم امتحن الله قلبه للإيمان.
والثانية : ثبوت نسبته لله عزوجل وعقيدة المسلمين قائمة على ذلك ، وحسبهم حجة ثبوت إعجازه بأسلوبه ومضامينه وتحدّيه لبلغاء عصره ونكولهم عن مجاراته ، وإخباره بالمغيبات التي ثبت بعد ذلك صدقها ومطابقتها لما أخبر به ، كما ورد في سورة الروم وغيرها ، وارتفاعه عن مستوى عصره بدقة تشريعاته ، إلى ما هنالك مما يوجب القطع بسموّه عن قابليات البشر مهما كان لهم من الشأن.
وقد استدل بعضهم (٤) ، فيما يبدو ، على كونه من الله بهذه الآيات المباركة :
__________________
(١) المدخل إلى علم أصول الفقه : ٢٠.
(٢) سورة المائدة : الآية ٣.
(٣) اقرأ أسانيدها في الجزء الأول من كتاب الغدير.
(٤) فلسفة التشريع في الإسلام : ١٤٤.