بقاعدة عقلية أخرى ، تفرض الإلزام بالمحتمل والقاعدة هي «وجوب دفع الضرر المحتمل» :
وجوب دفع الضرر المحتمل ومعارضتها لها :
وهي كسابقتها مما تطابق عليها العقلاء بتقريب ان العقل متى احتمل الضرر في شيء مّا ألزم بتجنبه ، واستحق صاحبه اللائمة لو أقدم عليه وصادف وقوعه فيه.
وموقع التعارض بينهما ان القاعدة الأولى مع احتمال التكليف وعدم تنجّزه بالوصول تنفي العقاب من الشارع وتمنعه ، والأخرى لا تمنعه بل تصحح صدوره منه وتلقي التبعة على المكلف ان قصر في امتثاله ، فالأولى مؤمّنة من الضرر ، والثانية غير مؤمنة وموضوعهما واحد.
وأشكل على هذه المناقشة ان التعارض في الأحكام العقلية مستحيل ، لأن العقل لا يتناقض على نفسه بإصدار حكمين متناقضين على موضوع واحد ، فلا بدّ من التماس محاولاتهم لرفع هذا التناقض.
التوارد بين القاعدتين :
وقد ذهب بعضهم إلى أنهما ـ أعني القاعدتين ـ مختلفتان في الرتبة ، وقيام إحداهما يكون مزيلا لموضوع الأخرى ، وبهذا جعلوا «قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل» واردة على «قاعدة قبح العقاب بلا بيان» لادعائهم ان هذه القاعدة تصلح ان تكون بيانا يمكن للشارع ان يعتمد عليه ، ومع فرض كونها بيانا من قبله ، فقاعدة «قبح العقاب بلا بيان» لا يبقى لها موضوع.
والجواب على هذه الدعوى :
١ ـ ان الالتزام لها مساوق لإنكار قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» إذ لا يبقى لها موضوع دائما ، لأن العقل إنما اعتبرها عند الشك في التكليف ، ومع الشك فيه فإن احتمال الضرر قائم حتما ، ومع قيامه تقوم القاعدة المرتكزة عليه فيزول موضوع