وان أراد ـ كما هو ظاهر كلامه ـ ان طبع القضية الواحدة يأبى ورود اجتهادين عليه من مجتهد واحد ، فهو وإن كان مع وحدة الزمان صحيحا أيضا ، إلا أنه خارج عن الفرض لافتراضهم تأخر الاجتهاد الثاني عن الأول زمانا. ومع تعدد الزمان لا تأبى القضية الواحدة ألف اجتهاد ، وما أكثر ما تتبدل آراء المجتهدين في المسألة الواحدة.
٤ ـ دعوى الإجماع على الإجزاء :
وقد حكاه شيخنا النائيني قدس سرّه (١) ، واستند إليه في القول بالإجزاء في خصوص العبادات باعتبار القدر المتيقن من مورده ، وجزم بخروج الأحكام الوضعيّة عن المورد لاعتقاده ان فتوى جماعة في الإجزاء فيها «إنما هي لأجل ذهابهم إلى كون الإجزاء هو مقتضى القاعدة الأولية لا لأجل الإجماع على ذلك» (٢).
وقد نوقشت هذه الدعوى بإنكار وجود إجماع تعبدي في جميع صور المسألة ، «والقائل بالإجزاء انما ذهب إليه لدلالة الدليل عليه باعتقاده. وعليه فلا مقتضى لرفع اليد عما تقتضيه القاعدة الأولية من لزوم الإعادة والقضاء في العبادات بعد انكشاف الخلاف ، ولزوم ترتيب جميع آثار انكشاف الخلاف في المعاملات» (٣).
وبهذا يتضح ان تفصيل شيخنا النائيني رحمهالله لا يمكننا الالتزام به ورفع اليد عن القاعدة إلا إذا تم الإجماع ، والقضية تحتاج إلى الفحص في كل مسألة فقهية ، لا الحكم فيها ككل.
القول بالإجزاء في مقام الحكم :
أما مقام الحكم وفض الخصومات ، فقد يضاف إلى تلك الأدلة على عدم جواز
__________________
(١) فوائد الأصول : ١ ـ ١٤٦.
(٢) المصدر السابق.
(٣) أجود التقريرات (هامش) : ١ ـ ٢٠٦.