لما قربناه سابقا من عدم أماريته.
نعم ، إذا غيرت القاعدة إلى التعبير بإبقاء ما كان على ما كان ما لم يعلم بطروّ ما يغيره ، كانت موافقة لمؤدى الاستصحاب كما نهضت به أدلته السابقة.
ولعل قولهم :
ج ـ ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه (١) :
أقرب إلى الاستصحاب من التعبير السابق وبخاصة إذا استظهرنا من قولهم : «يحكم ببقائه» هو الحكم به عند الشك لا واقعا.
د ـ ما ثبت باليقين لا يزول بالشك (٢) :
وهذه القاعدة إذا أريد بها مدلولها اللغوي كانت أجنبية عن مفاد الاستصحاب لأن مفاده ـ كما مر بيانه ـ ما ثبت باليقين لا يزال بالشك ، أي مطلوب اعتباره ثابتا ، لبداهة ان اليقين والشك لا يسريان إلى الواقع فيغيرانه عما هو عليه ليصح مثل هذا التعبير ، والظاهر ان مرادهم هو ما ذكرناه ، فتكون القاعدة عين ما يراد من معنى الاستصحاب في حدود ما مر.
ه ـ الأصل في الإنسان البراءة (٣) :
وابتناء هذه القاعدة على الاستصحاب موقوف على العلم السابق يخلو الذّمّة والشك اللاحق ، وليس مثل هذا العلم متوفرا دائما ، وسيأتي أن هذه قاعدة مستقلة ولها أدلتها الخاصة وليست مبنية على الاستصحاب ككل ، لجواز فرضها في صورة توارد التكليفين على الإنسان مع شكه في السابق واللاحق منهما ، كما لو
__________________
(١) فلسفة التشريع في الإسلام : ص ١٨٠.
(٢) مصادر التشريع : ص ١٢٩.
(٣) المصدر السابق.