وقبل ان نبدأ الحديث فيها لا بدّ من التعرض إلى المراد من لفظ العلة وما يرجع إليها على نحو التفصيل.
تعريف العلة :
عرف كل من المقدسي والغزالي العلة بمناط الحكم (١) ، وفسر الغزالي مناط الحكم بقوله : «ما أضاف الشرع الحكم إليه وناطه به ونصبه علامة عليه» (٢). ومن هذا التعريف ، يعلم أن غرضهم من العلة ليس مدلولها الفلسفي ، أعني ما أوجبت معلولها لذاتها ولم يتخلف عنها ، وهي المؤلفة من المقتضى والشرط وعدم المانع ، بل غرضهم منها ما جعله الشارع علامة على الحكم ، وبهذا صرّح الغزالي بقوله : «لأن العلة الشرعية علامة وأمارة لا توجب الحكم بذاتها ، إنما معنى كونها علة نصب الشارع إياها علامة ، وذلك وضع من الشارع» (٣) ، وأضاف بعضهم إلى كونها أمارة وعلامة ، اعتبار المناسبة بينها وبين الحكم.
وأرادوا بالمناسبة ان تكون مظنّة لتحقيق حكمة الحكم «أي أن ربط الحكم بها وجودا وعدما من شأنه ان يحقق ما قصده الشارع بتشريع الحكم من جلب نفع أو دفع ضرر» (٤).
وقد فضل بعض الأصوليين ان يعرف العلة بقوله : هي «الوصف الظاهر المنضبط الّذي جعله الشارع علامة على الحكم مع مناسبته له» (٥).
وقد انتزعوا من هذا التعريف أمورا أسماها خلاف بالشرائط المتفق عليها ، والأنسب تسميتها بالأركان لأنها جماع ما أخذ في تعريف العلة وتحديدها ، هي :
__________________
(١) روضة الناظر : ص ١٤٦ ، والمستصفى : ٢ ـ ٥٤.
(٢) المستصفى : ٢ ـ ٥٤.
(٣) المصدر السابق : ٢ ـ ٧٢.
(٤) علم أصول الفقه لخلاف : ص ٧٧.
(٥) مباحث الحكم : ١ ـ ١٣٦.