تحديده :
والمراد بالتخيير العقلي ، الوظيفة العقلية التي يصدر عنها المكلف عند دوران الأمر بين المحذورين ـ الوجوب والحرمة ـ وعدم تمكنه حتى من المخالفة القطعية.
وقد ذكروا له فروضا متعددة لا ينطبق على تعريفنا هذا غير واحد منها ، وهي صورة ما إذا كانت الواقعة واحدة غير متكررة وكان التكليف توصّليا.
الخلاف فيه :
والأقوال في هذه الصورة ـ أعني صورة دوران الأمر بين المحذورين ـ خمسة :
١ ـ جريان البراءة عن كل منهما عقلا وشرعا.
٢ ـ تقديم جانب الحرمة على جانب الوجوب بملاك ما قيل من أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة.
٣ ـ الحكم بالتخيير بينهما شرعا.
٤ ـ التخيير بينهما عقلا لعدم خلو المكلف تكوينا عن الفعل والترك مع الرجوع إلى أصالة الإباحة الشرعية.
٥ ـ التخيير بينهما عقلا ، مع عدم جريان شيء من القواعد الشرعية فيهما.
والظاهر ان أسدّ هذه الأقوال هو القول الخامس ، إن صح تسميته بالتخيير العقلي ، ولعل تسميته بالتخيير التكويني أولى لأن صدور المكلف عن أحدهما تخييرا لا يحتاج إلى من يرشده إليه ، ما دام المكلف في واقعه لا يخلو عن أحدهما ، ولعل الغرض من تسميته بالتخيير العقلي هو أن العقل بعد أن يسد جميع منافذ الأقوال السابقة ولم يبق إلا هذا المنفذ ، فإنه لا بد ان يوجه الإنسان إلى سلوكه بالذات.