(٢)
الفرق بين القواعد الأصولية والفقهية :
والّذي أخاله ان تقييدنا للحكم الشرعي بكلمة (كلي) في التعريف السابق سهّل علينا الانطلاق إلى التمييز بين القواعد الفقهية والأصولية.
وهذه المسألة ـ أعني التفرقة بينهما ـ من أعقد ما بحث في مجالها ، ولم تفصح فيها كثير من كلماتهم وان حامت حول ما نريد بيانه أكثرها ـ فيما نعتقد ـ وأهم ما ينبغي التنبيه عليه من الفروق ثلاثة وهي :
أ ـ كون القاعدة الأصولية لا تنتج إلا حكما كليا أو وظيفة كذلك ، بخلاف القاعدة الفقهية ، فان إنتاجها منحصر على الدوام في الأحكام والوظائف الجزئية التي تتصل اتصالا مباشرا بعمل العامل.
ب ـ إن القاعدة الأصولية لا يتوقف استنتاجها والتعرف عليها على قاعدة فقهية ، بخلاف العكس ، لأن القواعد الفقهية جميعا انما هي وليدة قياس لا تكون كبراه إلا قاعدة أصولية.
ج ـ ان القاعدة الأصولية لا تتصل بعمل العامي مباشرة ولا يهمه معرفتها ، لأن إعمالها ليس من وظائفه وانما هو من وظائف مجتهده ، ولذلك لا نجد أي معنى لإلقائها إليه في مجالات الفتوى ، بخلاف القاعدة الفقهية فإنها هي التي تتصل به اتصالا مباشرا وهي التي تشخص له وظيفته ، فهو ملزم بالتعرف عليها لاستنباط حكمه منها بعد أخذها من مجتهده.
ولعل هذا هو مراد شيخنا النائيني ، وان لم توضحه بعض تقريرات بحثه ، فلا يرد على تفرقته هذه ما ذكر «من أن بعض القواعد الفقهية لا يمكن إلقاؤها إلى العامي ولا يستطيع معرفتها فضلا عن تطبيقها ، وذلك كقاعدة ما لا يضمن ، أو