البعض الآخر من تقليد الأحياء لقصرهم التقليد على الأئمة الأربعة.
والظاهر ان خلاف الأخباريين لرأي الأصوليين من الشيعة إنما هو لاختلافهم في وظيفة المجتهد عند الفتيا. فالأخباريون يرون ان وظيفة المجتهد لا تتجاوز نقل مضمون الرواية بفتياه ، وليس له ان يستند في الفتيا إلى مقدمات نظرية ، فهو مخبر عن المعصوم ، ولا يشترط الحياة في حجية خبر المخبر باتفاق الكلمة. بينما يرى الأصوليون وغيرهم ان المجتهد مستنبط للحكم من الأدلة ، وقد يكون بعضها نظريا ، وما دام كذلك فهو ليس بمخبر حين يفتي عن المعصوم ـ إلا بضرب من التسامح ـ وإن أخبر عن الحكم أو الوظيفة.
وعلى هذا ، فإن دليل الحجية بالنسبة إلى المفتي إنما يتقوم برأيه القابل للنظر والتبدل ، وهو يمكن ان يكون منوطا بالحياة. فاختلاف الأخباريين مع الأصوليين اذن اختلاف في أصل وظيفة المجتهد لا في شرائط الإفتاء. وخلافهم في هذه المسألة لا يصلح ان يكون خلافا في موضع الكلام ، لأنه بالنسبة إليهم أشبه بالسالبة بانتفاء الموضوع.
وخلاف ابن الصلاح مع إخوانه من أهل السنة ، وإصراره على حظر التقليد لغير الأئمة الأربعة منشؤه إجماع المحققين وبعض الأدلة ، وقد علمنا في مبحث سابق قيمة هذه الأدلة فلا نعيد فيها الكلام.
فعمدة الخلاف اذن هو ما بين الشيعة وأكثرية أهل السنة في اعتبار هذا القيد وعدمه.
والأقوال الأخر إما ليست ذات موضوع لاختلافها في أصل وظيفة المجتهد ، أو ليست بذات أهمية لعدم استنادها إلى أساس.
أدلة القائلين بعدم اعتبار الحياة :
وقد استدل القائلون بعدم اعتبار هذا الشرط ، أو استدل لهم بعدة أدلة نعرض