العدة : «قالوا : وصف الله تعالى الأمة بأنها خير الأمة ، وأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، فلا يجوز ان يقع منها خطأ لأن ذلك يخرجها من كونها خيارا ، ويخرجها من كونها آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر ، إلى ان تكون آمرة بالمنكر وناهية عن المعروف ، ولا ملجأ من ذلك إلا بالامتناع من وقوع شيء من القبائح من جهتهم» (١).
وقد سبق الحديث عن هذه الآية في مبحث (سنّة الصحابة) وذكرنا هناك عدم دلالتها على أكثر من التفضيل النسبي ، وهو لا يستدعي العصمة وعدم الوقوع في الخطأ ، على أنّا لا نعرف وجها للملازمة التي ذكروها هنا في تقريب دلالة الآية بين عدم جواز وقوع الخطأ منهم وبين ما علل به من لزوم خروجها عن كونها خيارا ، لأن الخيار يخطأون وان كانوا معذورين كما هو الشأن هو في غير المعصومين من العدول ، فإثبات العصمة للأمة بهذه الآية لا يتضح له وجه.
الآية الرابعة : قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(٢) بتقريب ان الإجماع حبل الله فيجب الاعتصام به ولا يجوز التفرق عنه.
وتمام دلالة الآية موقوف على ان يكون الإجماع مصداقا لهذا المفهوم ، والآية لا تتكفل بإثبات ذلك لأنها لا تثبت موضوعها بداهة.
والآيات الباقية ـ وهي أضعف منها دلالة ـ تتضح مناقشتها مما عرضناه هنا فلا نطيل بعرضها والتحدث عنها.
السنّة :
وقد استدلوا منها بطوائف من الأحاديث مأثورة عن : عمر ، وابن مسعود وأبي سعيد الخدري ، وأنس بن مالك ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وحذيفة بن اليمان
__________________
(١) عدة الأصول : ص ٢٤٢.
(٢) سورة آل عمران : الآية ١٠٣.