على أقوال قد لا يكون في عرضها وتعدادها والاستدلال عليها أي جدوى ، ما دمنا قد انتهينا في استدلالنا السابق إلى أن المدار في الحجية وعدمها هي وثاقة الراوي والاطمئنان بعدم كذبه ، كما هو مقتضى ما يدل عليه بناء العقلاء ، وبعض الأدلة اللفظية التي تسأل عن وثاقة الراوي ، ومناسبات الحكم والموضوع ، وما سبق من إرجاع الأئمة إلى كتب بني فضال.
فالظاهر أن الحديث في هذه الشرائط كالحديث عن اعتبار العدالة أو البلوغ أو الذكورية أو غيرها ، إنما هو من قبيل اتخاذ الاحتياطات من قبل بعض الأصوليين للحد من الفوضى والتسامح في قبول جميع الأخبار ، أو هي من قبل بعضهم اعتقاد بعدم إمكان تشخيص الصغريات لما هو حجة من الأخبار إلا من هذه الطريق.
وعلى هذا فافتقاد بعض شرائط العدالة في الراوي وعلى الأخص فيما تختلف المذاهب في اعتباره منها ، لا يضر باعتماد الخبر إذا كان راويه من الثقات.
واختلاف المذاهب في الرّواة إذا عرف من حالهم عدم التأثير والانفعال بمسبقات مذهبهم في مجال النقل ، لا يمنع من اعتماد خبرهم والأخذ به ما لم تكن هناك قرائن أخر توجب التوقف عن العمل به.
ومن هنا اعتبر الشيعة الإمامية ـ خلافا لما نقل عنهم من قبل بعض المتأخرين من الكتّاب غير المتورعين ـ أخبار مخالفيهم في العقيدة حجة إذا ثبت أنهم من الثقات ، وأسموا أخبارهم بالموثقات ، وهي في الحجية كسائر الأخبار ، وقد طفحت بذلك جلّ كتب الدراية لديهم ، فلتراجع في مظانها المختلفة.
وما يقال عن اعتبار هذه الشرائط ونظائرها ، يقال عن تقسيماتهم للخبر غير المتواتر.
تقسيمات :
فقد قسموه إلى : مشهور ، أو مستفيض ، وغير مشهور ، وقسموا غير المشهور