المضارع ، وإنما تدخل على الماضي ، فلو كان المضارع في الخبر مدخول كلمة (لم) لكان للاحتمال الأول وجه ، ثم لو سلّم دخولها على فعل المضارع أحيانا فلا ريب في ندرته فلا يصار إليه في غير الضرورة.
وعليه ، فالصحيح دلالة الحديث على البراءة الشرعية ، وبإطلاقه يشمل الشبهات الموضوعية والحكمية.
ومن ذلك يظهر أن ما أفاده المحقق النائيني من ترجيح الاحتمال الأول وعدم صحة الاستدلال بهذا الحديث على البراءة الشرعية خلاف التحقيق» (١).
٣ ـ رواية كل شيء مطلق :
ولسان هذه الرواية : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (٢).
وقد اختلفوا في المراد من لفظة (يرد) في الرواية فقيل ان معناها الصدور ، ويكون معنى هذه الرواية إذ ذاك : كل شيء مطلق أي مباح حتى يصدر من الشارع في حقه نهي ، وتكون بهذا المعنى أجنبية عن موضع احتياجنا لبداهة ان حاجاتنا إليها إنما هي بعد البعثة وصدور الأحكام عن الشارع واختفائها عنا.
وقيل : ان المراد من الورود فيها هو الوصول ، فيكون معناها كل شيء مطلق ـ أي مباح ظاهرا ـ حتى يصل إلى المكلف فيه نهي.
والظاهر ان مدلول الرواية لا يلتئم مع طبيعة صدورها من الإمام إلا على القول الثاني.
لأن قول الشارع : «كل شيء مطلق حتى يرد» إما ان يراد بالإطلاق الإباحة الواقعية أو الظاهرية والورود وإما ان يراد به الوصول أو الصدور ، فصور المسألة أربع :
__________________
(١) الدراسات : ٣ ـ ١٥٩.
(٢) وسائل الشيعة : ٦ ـ ٢٨٩ ، أبواب القنوت ، باب جواز القنوت بغير العربية مع الضرورة ، ح ٣. وراجع : الدراسات : ٣ ـ ١٥٩.