المشتركة بين مسائل الفقه والأصول.
أما لما ذا بحث بعض هذه الموضوعات في الأصول ولم تبحث في الفقه أو بالعكس؟ فالذي احتمله أن قدماء الأصوليين ـ وهم الذين برمجوا لنا هذه العلوم ـ لاحظوا الغلبة في نوع إنتاج هذه القواعد ، فقسموا بحوثها على هذا الأساس ، ولهذا السبب بحثوا أصل الطهارة في الفقه لغلبة إنتاجه للنتائج الجزئية ، وبحثوا الاستصحاب في الأصول لغلبة إنتاجه للحكم الكلي.
وربما كان الباعث لبعضهم بالإضافة إلى ذلك ، ما يرون في بعضها من تمشيها في مختلف أبواب الفقه وعدم اقتصارها على باب دون باب ، فآثر لذلك بحثها في الأصول تسهيلا للباحث وإبعادا له عن تضييع الوقت في التماسها في مختلف المظان ، بخلاف البعض الآخر ، فانه يخصّ بعض أبواب الفقه دون بعض كأصل الطهارة ، إذ من السهولة واليسر التماسه في بابه الخاصّ من الفقه.
وهذه وجهات نظر في البرمجة قد توافق عليها أصحابها وقد تختلف معهم ، ولكنها على كل حال لا توجب رفع اليد عن المقياس الّذي ذكرناه ، شريطة ان يتقيد بلحاظ الحيثية في هذه المواضيع المشتركة على نحو ما ذكرناه سابقا.
(٣)
الفارق بينه وبين أصول الفقه :
هناك فوارق بينه وبين أصول الفقه يتصل بعضها في منهجة البحث ، وسيأتي الحديث عنه في موضعه ، وبعضها في سعة كل منها وضيقه بالنسبة إلى طبيعة ما يبحثه ، فإذا كان من مهمة الأصولي ان يلتمس ما يصلح ان يكون كبرى لقياس الاستنباط ثم يلتمس البراهين عليه ، فان مهمة المقارن في الأصول ان يضم إلى