بعضهم : صلهما في المحمل ، وروى بعضهم : لا تصلهما إلا على الأرض ، فوقّع عليهالسلام : موسع عليك بأية عملت» (١).
وهذه الرواية لا دلالة لها على أكثر من التخيير في افراد الكلي ، لأن كلا من الصلاتين صحيحة ومحققة للغرض ، والتخيير بين أفراد الكلي سواء كان عقليا أم شرعيا لا محذور فيه ، والمطلقات كلها من هذا القبيل.
وإن شئت أن تقول ان هذه الأنواع من الروايات ليست متعارضة في واقعها ، وإن تخيلها الراوي كذلك ، والإمام لم يصنع أكثر من تنبيهه على إمكان الجمع بينها بمفاد (أو) ، والكلام إنما هو في الروايات المتعارضة.
٤ ـ ما رواه الكليني بسنده عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بالأخذ والآخر ينهاه ، كيف يصنع؟ قال عليهالسلام : يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه» (٢).
وهذه الواقعة المسئول عنها من قبيل دوران الأمر بين المحذورين (يأمر وينهى) والمكلف بواقعه لا بد ان يصدر عن أحدهما ، فالتخيير بينهما تخيير تكويني ، والتعبير بالسعة مساوق للتعبير بإسقاطهما ، والصدور عن أحدهما بحكم ما يقتضيه واقعه التكويني ، وربما سمي هذا النوع من التخيير بالتخيير العقلي ، فتكون الرواية إرشادا له ، وسيأتي الحديث عنها.
خلاصة البحث :
والخلاصة ان أدلة التخيير ـ وهي لا تخرج عن الطوائف التي عرضنا نماذج منها ـ بين صحيح لا يدل بمضمونه ، ودال لا يصح سندا ، فهي لا تنهض بإثبات ما
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٣ ـ ٢٢٨ ، ح ٩٢. مصباح الأصول : ص ٤٢٤.
(٢) الكافي : ١ ـ ٦٦ ، ح ٧. وراجع : مصباح الأصول : ٢٢٤ ، ويحسن الرجوع إليه للتوسع في هذا البحث.