ما يقتضيه الأصل المعين للوظيفة :
والرجوع إلى هذا الأصل إنما يكون مع فقد الدليل الاجتهادي أو الأصل الإحرازي وهما مفقودان هنا ، كما يدل عليه ما استعرضناه من أدلتهم وما ذكرناه في مناقشتهما.
والأصل يقتضي في هذا الموضع اعتبار الحياة لبداهة دوران الأمر فيه بين التعيين والتخيير في مقام الحجية ، وذلك لعدم احتمالنا أية خصوصية للموت ـ بما هو موت ـ توجب تعيين الرجوع إلى الأموات ابتداء ، ونحتمل أن تكون للحياة خصوصية مهما كانت بواعث الاحتمال ، ومتى دار الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية ، تعين الأخذ بما هو محتمل التعيين للقطع بحجيته والشك في حجية الطرف الآخر ، والشك في الحجية كاف للقطع بعدمها ، كما قلنا ذلك مرارا.
وعليه فإن تم ما عرضوه من أدلة اجتهادية على اعتبار الحياة ـ وهو ما لم نر أية ضرورة لتفصيل الحديث فيه ـ كان هو المتعين في مقام الاستناد ، وإلا فالأصل العملي كاف في إثبات هذه الجهة.
تسجيل ملاحظة :
والشيء الّذي أحببت أن أسجله ـ وان لم تكن له مدخلية في عوالم الاستدلال على اعتبار الحياة ـ ما لاحظته من ان في تشريع جواز الرجوع إلى الأموات ـ في التقليد ابتداء ـ إماتة للحركة الفكرية التشريعية وتجميدا للعقول المبدعة عن الانطلاق في آفاقها الرحبة.
وقد لاحظت هذا الواقع في كثير من علماء الإسلام من أهل السنّة يوم سدوا على أنفسهم أبواب الاجتهاد وحصروا التقليد بخصوص أئمتهم ، حيث ظلت الحركة الفكرية واقفة عند حدودها لديهم قبل قرون ، وما الف بعد ذلك كان يفقد في غالبه عنصر الأصالة والإبداع.