ومنها : صدور العقلاء جميعا عن الرجوع إلى أهل الخبرة ـ فيما يجهلونه من شئونهم الحياتية وغيرها ـ فالمريض يرجع إلى الطبيب ، والجاهل يرجع إلى العالم ، وهكذا ....
وحجية مثل هذا البناء إنما تتم إذا تمّ كشفه عن مشاركة المعصوم لهم في هذا الصدور فيما تمكن فيه المشاركة ، أو إقراره لهم على ذلك فيما لم تمكن فيه.
وسرّ احتياجنا إلى الكشف عن مشاركة المعصوم ، أو إقراره ولو من طريق عدم الردع فيما يمكنه الردع عنه مع اطلاعه عليه ، أن هذا البناء ليس من الحجج القطعية في مقام كشفه عن الواقع ، لجواز تخطئة الشارع لهم في هذا السلوك.
والفرق بينه وبين حكم العقل ، أن حكم العقل فيما يمكنه الحكم فيه وليد اطلاع على المصلحة أو المفسدة الواقعية ، كما يأتي بيانه ، وهذا البناء لا يشترط فيه ذلك لكونهم يصدرون عنه ، ـ كما قلنا ـ صدورا تلقائيا غير معلل ، فهو لا يكشف عن واقع متعلقه من حيث الصلاح والفساد ، ولعل قسما كبيرا من الظواهر الاجتماعية منشؤه هذا النوع من البناء.
ومع عدم كشفه عن الواقع فهو لا يصلح للاحتجاج به على المولى لكونه غير ملزم له ، ومع إقراره أو عدم ردعه أو صدوره هو عنه يقطع الإنسان بصحة الاحتجاج به عليه.
وسيأتي مزيد حديث عنه بما أسموه ب (العرف) واعتبروه من الأدلة المستقلة مع رجوع قسم كبير منه إلى حجية هذا البناء.
(٥)
سيرة المتشرعة :
وهي صدور فئة من الناس ينتظمها دين معين أو مذهب معين عن عمل مّا أو