والعقل ، ولا بد لنا من مجاراتهم في هذا المجال ما دمنا نريد أن نؤرخ لمبانيهم وحججها من جهة ، ونقيّمها بعد ذلك من الجهة الأخرى.
١ ـ حجيتها من القرآن :
استدلوا بآيات من القرآن الكريم على اعتبار الحجية لها ، أمثال قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(١) ، (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(٢) ، (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٣).
ودلالة هذه الآيات في الجملة من أوضح الدلالات على حجيتها ، إلا أنها ـ فيما تبدو ـ أضيق من المدعى لأنها لا تشمل غير القول إلا بضرب من التجوز ، والمراد إثباته عموم حجيتها لمطلق السنة قولا وفعلا وتقريرا.
٢ ـ الإجماع :
وقد حكاه غير واحد من الباحثين ، يقول خلاّف : «أجمع المسلمون على ان ما صدر عن رسول الله من قول أو فعل أو تقرير ، وكان مقصودا به التشريع والاقتداء ونقل إلينا بسند صحيح يفيد القطع أو الظن الراجح بصدقة يكون حجة على المسلمين» (٤).
وفي سلّم الوصول : «الإجماع العملي من عهد الرسول إلى يومنا هذا على اعتبار السنة دليلا تستمد منه الأحكام ، فإن المسلمين في جميع العصور استدلوا على الأحكام الشرعية بما صح من أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يختلفوا في وجوب العمل بما ورد في السنة» (٥).
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٥٨.
(٢) سورة الحشر : الآية ٧.
(٣) سورة النجم : الآية ٣ ـ ٤.
(٤) علم أصول الفقه : ص ٣٩.
(٥) سلم الوصول : ٢٦١.