(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(١) ـ ثم يقول ـ : «لو رددنا السنة كلها لصرنا إلى أمر عظيم لا يمكن قبوله ، وهو أن من يأتي بأقل ما يسمى صلاة أو زكاة فقد أدّى ما عليه ، ولو صلّى ركعتين في كل يوم أو أيام ، إذ له ان يقول : ما لم يكن فيه كتاب الله فليس على أحد فيه فرض ، ولكن السنة بينت لنا عدد الصلوات في اليوم وكيفياتها ، والزكاة وأنواعها ومقاديرها ، والأموال التي تجب فيها» (٢).
والحقيقة ، ان المناقشة في حجية السنة أو إنكارها مناقشة في الضروريات الدينية وإنكار لها ، وليس لنا مع منكر الضروري من الدين حساب ، لأنه خارج عن طبيعة رسالتنا بحكم خروجه عن الإسلام.
يقول الشوكاني : «والحاصل ان ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية ، ولا يخالف في ذلك إلا من لاحظّ له في دين الإسلام» (٣).
ويقول الخضري من المتأخرين : «وعلى الجملة فإن حجية السنة من ضروريات الدين ، أجمع عليها المسلمون ونطق بها القرآن» (٤) وكذلك غيرهما من الأصوليين.
والحقيقة اني لا أكاد أفهم معنى للإسلام بدون السنة ، ومتى كانت حجيتها بهذه الدرجة من الوضوح ، فإن إقامة البرهان عليها لا معنى له ، لأن أقصى ما يأتي به البرهان هو العلم بالحجية ، وهو حاصل فعلا بدون الرجوع إليه ، ولكن الأعلام من الأصوليين درجوا على ذكر أدلة على ذلك من الكتاب والسنة والإجماع
__________________
(١) سورة النحل : الآية ٤٤.
(٢) راجع كتاب (تاريخ الفقه الإسلامي) للدكتور محمد يوسف موسى ص ٢٢٩.
(٣) إرشاد الفحول : ص ٣٣.
(٤) أصول الفقه : ص ٣٣٤.