ـ أعني الوسائل الموضوعة للأمور المباحة ـ ويقصد فاعلها التوصل بها إلى المفسدة (١).
ولقد حررت هذه المسألة في كتب الشيعة الإمامية من مبحث مقدمة الواجب من الأصول.
وقد كادت ان تطبق كلمتهم على اعتبار المقدمة تابعة في حكمها لذي المقدمة على اختلاف في معنى هذه التبعية وفي حدودها من حيث الإطلاق والتقييد.
وكلماتهم مختلفة في ذلك جدا ، وربما بلغت أقوال المسألة أكثر من عشرة.
ولعل أسدّ هذه الآراء وأقواها أدلة هو ما ذهب إليه بعض المتأخرين من الحجج أمثال : المرحوم الشيخ محمد حسين الأصفهاني قدس سرّه (٢) ، والسيد محسن الحكيم قدس سرّه (٣) ، والسيد أبو القاسم الخوئي قدس سرّه (٤) ، من إنكار تبعيتها لذي المقدمة في حكمها ، وإنما لها حكمها المستقل المأخوذ من أدلته الخاصة.
الأدلة على الحكم :
أدلتها من الكتاب والسنة :
ولقد ذكر ابن القيم ما يقارب المائة بين آية وحديث استقرأها في مظانها ، فوجد فيها جميعا اتحاد الحكم في الوسائل وما تفضي إليه ، مما يدل على ان الشارع يعطي الوسائل دائما حكم ما تنهي إليه.
والأمثلة التي ذكرها منصبة في الغالب على الوسائل المحرمة لديه ، أمثال قوله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)(٥)
__________________
(١) المدخل للفقه الإسلامي : ص ٢٦٩.
(٢) نهاية الدراية : ١ ـ ٢١٢.
(٣) حقائق الأصول : ١ ـ ٢٤١ وما بعدها.
(٤) أجود التقريرات : ١ ـ ١٧٤ وما بعدها.
(٥) سورة الأنعام : الآية ١٠٨.