ما يقع موقع الصغرى ليس من الأصول :
وإذا صح ما ذكر من أن ما يصلح ان يسمى (أصلا) للفقه هو خصوص الكبرى المنتجة لأنها هي التي تصلح للارتكاز عليها كقاعدة لبناء الاستنباط ، اتضح السر في عدم تعميمنا في التعريف إلى ما يشمل الصغريات ، سواء ما وقع منها في مجالات استكشاف المراد من النص كمباحث الألفاظ أم غيرها كمباحث الملازمات العقلية ، لوضوح كونها ليست من الأصول التي يرتكز عليها البناء ، وان توقف عليها إنتاج القياس وإعطاؤها الثمرة العملية.
وأظن أن الأعلام الذين وسعوا في التعريف إلى ما يشملها فأبدلوا كلمة الكبريات بكلمة (ما يقع في طرق الاستنباط) أو ما يشبهها ، كان همهم في الدرجة الأولى وضع تعريف لما اعتادوا تسميته بالأصول ، فوقعوا في مفارقات عدم انعكاس تعريفهم لوقوع كثير مما اتفقوا على تسميته بالمبادئ في صميم علم الأصول ، لاشتراكها في الكثير من الأحيان في تنقيح الصغريات لقياس الاستنباط كعلوم اللغة والنحو والبلاغة ، بالإضافة إلى خروجهم على ما توحي به هذه الكلمة من دلالة.
والحق الّذي نعتقده ان بحث ما يتصل بمباحث الألفاظ وغيرها مما يلابس قياس الاستنباط مما اعتادوا بحثه في علم الأصول وان كان على درجة من الضرورة ، لإغفال بحثه على هذا المستوى في مظانه من الكتب الأخرى ، إلا ان تسميته بالأصول لا يتضح لها وجه.
فالأنسب اعتبارها من المبادئ وبحثها على هذا الأساس ، مع تقليص بحثها إلى ما تمس الحاجة إليه من حيث تشخيص دلالاتها اللغوية ، وإقصاء كل ما لا يمت إلى واقعها اللغوي من البحوث الفلسفية وغيرها.