الثقل كل نفيس خطير مصون ، وهذان كذلك ، إذ كل منهما معدن العلوم اللدنية ، والأسرار والحكم العلية ، والأحكام الشرعية ، ولذا حث صلىاللهعليهوآلهوسلم على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم ، وقال : «الحمد لله الّذي جعل فينا الحكمة أهل البيت» (١) وقيل : سميا ثقلين ، لثقل وجوب رعاية حقوقهما ثم إن الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله ، إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ، ويؤيده الخبر السابق : «ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم» (٢) ، وتميزوا بذلك عن بقية العلماء لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وشرفهم بالكرامات الباهرة ، والمزايا المتكاثرة ، وقد مر بعضها» (٣).
مناقشة الحديث :
وقد ناقش الأستاذ محمد أبو زهرة هذا الحديث بمناقشات مطولة بعد ان استعرض استدلال الشيعة به على وجوب الرجوع إليهم ، نذكر كل ما يتصل بحديثنا منه ، ثم نعقب عليه بما يتراءى لنا من أوجه المفارفة فيه.
يقول : «ولكنا نقول : ان كتب السنة التي ذكرته بلفظ (سنتي) أوثق من الكتب التي روته بلفظ (عترتي) ، وبعد التسليم بصحة اللفظ نقول : بأنه لا يقطع بل لا يعين من ذكروهم من الأئمة الستة المتفق عليهم عند الإمامية الفاطميين ، وهو لا يعين أولاد الحسين دون أولاد الحسن ، كما لا يعين واحدا من هؤلاء بهذا الترتيب ، وكما لا يدل على ان الإمامة تكون بالتوارث ، بل لا يدل على إمامة السياسة ، وإنه أدل على إمامة الفقه والعلم» (٤).
ومواقع النّظر حول نصّه هذا ، تقع في ثلاث :
__________________
(١) بحار الأنوار : ١٠٤ ـ ٤١٢ ، الحديث : ١٩.
(٢) بحار الأنوار : ٢٢ ـ ٤٦٥ ، الحديث : ١٩.
(٣) هذا النص بطوله مستل من الصواعق المحرقة ، ص ١٤٩ ، مطبعة دار الطباعة المحمدية بمصر. (المؤلف).
(٤) الإمام الصادق : ١٩٩.