العقل» (١).
لأن إنكار الإدراك العقلي للحسن والقبح مصادرة ، كما سبق بيانه ، وإنكاره الملازمة بينه وبين حكم الشرع بعد فرض تطابق العقلاء ـ بما فيهم الشارع ـ مصادرة أخرى.
وإنكار حجية العقل ، إن كان من طريق العقل لزم من وجوده عدمه ، لأن الإنكار ـ لو تم ـ فهو رافع لحجية العقل فلا يصلح العقل للدليلية عليه ولا على غيره ، وان كان من غير العقل فما هو المستند في حجية الدليل؟ فان كان من غير العقل لزم التسلسل ، وإن كان من العقل لزم من وجوده عدمه لانتهائه إلى إنكار حجيته أيضا ، لفرض قيامه بالآخرة على إنكار ثبوت الحجية له ، هذا بالإضافة إلى ما سبق ان ذكرناه من ذاتية حجية القطع وعدم إمكان تصرف الشارع فيها رفعا أو وضعا.
والأحكام العقلية ـ موضع الحديث ـ كلها مقطوعة.
خلاصة البحث :
وخلاصة ما انتهينا إليه من مجموع البحث :
١ ـ ان العقل مصدر الحجج وإليه تنتهي ، فهو المرجع الوحيد في أصول الدين وفي بعض الفروع التي لا يمكن للشارع المقدس ان يصدر حكمه فيها ، كأوامر الإطاعة وكالانقسامات اللاحقة للتكاليف من قبيل العلم والجهل بها أو اعتبار التقرب بها إذا أريد اعتبارها بجعل واحد شروطا للتكاليف ، للزوم الدور أو التسلسل فيها ، بداهة ان إطاعة أوامر الإطاعة مثلا اما ان ترجع إلى العقل أو تتسلسل إلى غير النهاية ، إذ لو كانت شرعية لتوجه السؤال عن لزوم إطاعتها ،
__________________
(١) أصول الفقه للمظفر : ٢ ـ ٣٠ ، ويحسن الرجوع إلى هذا الكتاب لاستعراض حججهم والإجابة عليها فهو من خير ما كتب في موضوعه استيعابا وعمق نظر. (المؤلف).