وعصيانا ، ولا يجديه اعتذاره بان هذه الطريق لم تفدني العلم ، ما دام عالما بجعلها طريقا من قبل دولته أو مشرعه ، ومن هنا صح احتجاج المولى عليه وإلزامه بنتائج تمرده.
ج ـ صحة الاخبار بمدلول الحجة :
ويتفرع على هذا صحة الاخبار عن مؤدى ما قامت عليه الحجة ونسبته لمن صدرت عنه ، لأن صحة الاخبار وليدة اعتبار الطريق موصلة إلى مؤداها. فالمسلم مثلا من حقه ان ينسب إلى الإسلام تبنيه وجوب الوضوء على الكيفية الفلانية ، وحجته في ذلك ظواهر القرآن بعد قيام الدليل القطعي على حجية الظواهر وان لم تفد قطعا بمدلولها. والحجة بهذا المعنى شاملة للعلم ولكل ما ينهى إليه من حيث صحة الاحتجاج وإثبات لوازمه ، سواء كان أمارة أم أصلا ، كما سيتضح ذلك فيما بعد.
الحجة عند المناطقة:
ولكن الحجة عند علماء الميزان لا يراد بها ذلك على إطلاقه ، بل يريدون منها «الوسط الّذي به يحتج لثبوت الأكبر للأصغر من نحو علقة وربط ثبوتي بنحو العلية والمعلولية أو التلازم» (١).
وربما أطلقت على مجموع قضايا القياس مقدمات ونتيجة ، وهي هنا ـ بهذا المعنى الّذي تبناه علماء الميزان ـ لا يصح إطلاقها على القطع ، لأن القطع معلول لها وناشئ عنها ، فهو متأخر عنها رتبة ، ولا يسوغ أخذ المتأخر في المتقدم للزوم الخلف أو الدور.
والقياس الّذي يؤخذ في كبراه القطع الطريقي لا يمكن أن يكون منتجا دائما
__________________
(١) نهاية الأفكار : ٣ ـ ٢٠ تقريرات آغا ضياء العراقي.