قال : «قلت : جعلت فداك! يأتي عنكما الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيهما آخذ؟ قال عليهالسلام : خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذ النادر» (١).
وقد قربوا الاستدلال بها أن الموصول في قوله : «ما اشتهر» مبهم ، وصلته معرفة له ، وبما أن الشهرة التي اعتبرت في الصلة مطلقة ، فهي شاملة للشهرة في الفتوى بمقتضى ذلك الإطلاق.
وقد أجيب عليها بأن المراد من الشهرة هنا الشهرة بمدلولها اللغوي ، وهي الوضوح والإبانة ، أخذا من شهر السيف إذا جرده من غمده وأبانه ، وهي مختصة بهذا المعنى بما علم صدوره من الشارع ، لا ما ظن أو شك فيه ، فكأنه قال عليهالسلام : خذ بما وضح وبان انتسابه إلينا لدى أصحابك ، على أن طبيعة السؤال والجواب تقتضي أن يكون الجواب على قدر السؤال ولا يتجاوزه إلى غيره ، والمسئول عنه هنا هو خصوص الخبرين المتعارضين ، فلا معنى للإجابة بما يعمهما ويعم الشهرة الفتوائية ، لأنها غير داخلة في السؤال ، ومن شرائط الإطلاق أن يعلم أن الشارع كان في مقام البيان من هذه الجهة ولم يقم قرينة على الخلاف ليصح التمسك به ، فكونه في مقام البيان من حيث التعميم لها ، تأباه طبيعة التطابق بين السؤال والجواب الّذي يقتضي السنخية بينهما حتى مع فرض التعميم لغير المورد.
ولو تنزلنا فلا محرز له إن لم نقل ان التطابق يصلح للقرينية على الخلاف.
ثالثها ـ القياس :
وقد قربوه بما ادعي استفادته في خبر الواحد من كون العلة في حجيته هو حصول الظن بمدلوله ، وهي متوفرة في الشهرة الفتوائية ، بل هي فيها أقوى منها في خبر الآحاد.
وهذا الاستدلال من أمتنها لو كان المنشأ في حجية أخبار الآحاد هو الظن
__________________
(١) مستدرك الوسائل : ١٧ ـ ٣٠٣.