التحريف عليها ، فلا تكون حجة. نعم إذا تم ما ادعاه بعد ذلك من «إطباق الأمة على ان هذه الشريعة ناسخة لها» بطل القولان السابقان ، إلا ان الإشكال في تحقق هذا الإجماع مع كثرة الخلاف في المسألة من أفراد الأمة ، ولا أقل من جمهور الحنفية وغيرهم المانع من انعقاد إجماعها.
الأصل العملي :
وهو إنما يرجع إليه عند العجز عن تحصيل الأدلة الكاشفة عن الحكم الواقعي وتركز الشك ، وقد تمسك بعضهم بالاستصحاب عند الشك في ارتفاع حكم ثبت في الشريعة السابقة بادعاء العلم بثبوته ، والشك بارتفاعه بالنسخ بالنسبة إلينا ، فحكم ببقائه أخذا بالرواية الشريفة : «لا تنقض اليقين بالشك» (١).
وأهم ما ذكر في مناقشته ما عرضه بعض أساتذتنا «من ان النسخ في الأحكام الشرعية إنما هو بمعنى الدفع وبيان أمد الحكم ، لأن النسخ بمعنى رفع الحكم الثابت مستلزم للبداء المستحيل في حقه سبحانه وتعالى.
وقد ذكرنا غير مرة ان الإهمال بحسب الواقع ومقام الثبوت غير معقول ، فإما ان يجعل المولى حكمه بلا تقييد بزمان ويعتبره إلى الأبد وإما ان يجعله ممتدا إلى وقت معين.
وعليه فالشك في النسخ شك في سعة المجعول وضيقه من جهة احتمال اختصاصه بالموجودين في زمان الحضور ، وكذا الكلام في أحكام الشرائع السابقة ، فإن الشك في نسخها شك في ثبوت التكليف بالنسبة إلى المعدومين لا شك في بقائه بعد العلم بثبوته ، فإن احتمال البداء مستحيل في حقه تعالى ، فلا مجال حينئذ لجريان الاستصحاب.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١ : ٢٤٥ ، الحديث ٦٣١.