٣ ـ «ما يدرك بالسمع كحسن الصلاة والحج وسائر العبادات» (١) واعتبروها «متميزة لصفة ذاتها عن غيرها بما فيها من اللطف المانع من الفحشاء الداعي إلى الطاعة ، لكن العقل لا يستقل بدركه» (٢).
أدلة ونقاش :
واستدلوا ـ أو استدل لهم ـ على نظريتهم في الحسن والقبح بعدة أدلة نذكر أهمها :
١ ـ قولهم : «ان الحسن والقبح لو لم يكونا عقليين لجاز الكذب على الله وأنبيائه ، لأن الكذب ليس قبيحا في ذاته وانما صفة القبح ثبتت له بالشرع ، وهذا باطل ويترتب عليه فساد الرسالات والأحكام» (٣).
وقد أجاب الأستاذ سلام على هذا الاستدلال بقوله : «ويمكن رد هذا الدليل ، بأن الصدق والكذب ليسا من الحسن والقبح بالإطلاق الثالث الّذي وقع فيه الخلاف ، وانما هو يدخل في الإطلاق الثاني وهو متفق عليه ، فالملازمة غير صحيحة» (٤).
والسؤال الّذي يوجه إلى سلام ، هل ان الكذب مما ينبغي صدوره من المولى مهما كانت مناشئه أو لا ينبغي ، أو ان العقل لا يقول كلمته في ذلك؟ والظاهر ان القول بأن العقل لا يستطيع ان يقول كلمته في ذلك لا يخلو من مصادرة ، وإذا افترضنا له القول فقد تمت الملازمة وصح الاستدلال لأن الحسن والقبح بالمعنى الثالث ليس هو الا إدراك ان هذا الشيء مما ينبغي صدوره أو لا ينبغي من الفاعل ، كما سبقت الإشارة إليه.
__________________
(١) المستصفى : ١ ـ ٣٦.
(٢) المصدر السابق.
(٣) مباحث الحكم : ١ ـ ١٧٣.
(٤) المصدر السابق.